الأربعاء، 3 مايو 2017

توظيف الوسائط المتعددة في التعليم ودور المعلم والمتعلم والمسؤول تجاه تفعيل استخدامها.




التغيرات المتتابعة والسريعة في عصرنا الحديث، خاصة ما يتعلق بالتقنية ودخولها في مختلف أنماط الحياة -حتى أصبح استخدام التقنية بين الناس باختلاف مستوياتهم نمطاً لحياتهم يمارسونه بشكل يومي-، يحتم على العاملين في التعليم مواكبة هذه التغيرات، والاستفادة منها بما تتيحه من امكانيات سهلت التواصل بين البشر، وتتبع نشاط مستخدميها وبناء تعليم خاص بكل واحد منهم، وغير ذلك مما نشهده من تطورات متسارعة في عالم التقنية بشكل يومي.

إن استخدام التقنية في التعليم لا يعني الزجّ بالوسائط التقنية في التعليم بشكل عشوائي قد يربك العملية التعليمية أكثر من كونه عنصر جذب وتطوير وعاملاً مساعداً للوصول لأهداف العملية التعليمية التعلمية؛ لذلك فلا بد من التخطيط لعمية استخدام الوسائط التقنية في التعليم بشكل يراعي التدرج الذي ينطلق من تعزيز العملية التعليمية بالتقنية ابتداءً، ويصل بنا إلى دمج التقنية في التعليم، بحيث تصبح جزء منها، ويراعي الإمكانات المتاحة وقدرات المعلمين والمتعلمين وثقافتهم التقنية، وهذا ما دفع الكثير من المتخصصين من التربويين لتصنيف تطبيقات الحاسب وفق هرم بلوم لتسهيل التخطيط لاستخدام التقنية في التعليم وفق الأهداف التعليمية، ومنهم من ابتكر نماذج لاستخدام التقنية في التعليم مثل نموذج SAMR. الغاية من كل هذا الاهتمام والنشاط التربوي تجاه دمج التقنية بالتعليم هو الوصول إلى التعليم الفعال الذي "يكون أكثر رسوخاً لدى المتعلمين بما يؤدي إلى إكسابهم المعرفة وتنمية مهاراتهم وتقويم تعلمهم باستمرار"(جاسم، 2010، ص310).


هناك عدة عوامل تلعب دورا كبيرا في زيادة فاعلية التعلم الفعال، ومن أهم هذه العوامل ما يتعلق ببصر الإنسان، حيث أن ما بين 80-90 % من المعلومات التي يعالجها العقل تأتي من العين، وثلثي النشاط الكهربائي للعقل يكون مكرسا لحاسة البصر عندما تكون العينان مفتوحتان. (The Science of Effective Presentations، ص3). إن إضافة عامل أو عنصر بصري لعرض مقدم لمتعلمين كفيل بأن يحدث تأثيرا كبيرا على انتباه المتعلمين وفهمهم واحتفاظهم بالمعلومات لفترة أطول كما تشير دراسة مقدمة من مركز البحوث لأنظمة إدارة المعلومات في جامعة مينوسوتا الأمريكية، كما وجد الباحثون أن العرض الذي احتوى على عناصر بصرية كان المعروض لهم أكثر تفاعلا بنسبة 43%(Vogel وآخرون، 1986م، ص1). وعلى الرغم من أن هذه الدراسة قديمة وهذا يؤثر على مصداقية نتائجها نوعا ما، خاصة أنها تتعلق بجانب استخدام التقنية "السريع التطور"، إلا أنها تعتبر مؤشرا قويا لما عرضته من الفروق الكبيرة ذات الدلالة الإحصائية بين العروض التي تحتوي على عناصر بصرية والتي لا تحتوي عليها، خاصة إذا وضعناها جنبا إلى جنب مع ما ذكر من المعلومات الحديثة التي عرضت بداية هذه الفقرة، وأن الدراسة فيها جانب يتعلق بالإنسان وطبيعته في معالجة المعلومات وهو مجال يمكن فيه الاعتماد على دراسات قديمة نسبيا مثل المستشهد فيها.

إن اتجاهات التعليم الحديث قد تنبهت لأهمية مثل هذا العامل، وغيره من العوامل الأخرى مثل التركيز على المتعلم في العملية التعليمية، والحرص على تفاعله وإشراكه بفاعلية في العملية التعليمية، وتفريد التعليم بما يتناسب مع كل متعلم على حدة بحيث يقوم المتعلم بتحديد أسلوب الوصول للهدف، والوقت الذي يحتاجه للوصول له، والمكان المناسب له اذا دعت الظروف لذلك، ومن ذلك انطلقت بعض المؤسسات التربوية بإصدار المعايير الخاصة بها، لتراعي هذه العوامل المهمة للوصول لتعليم فعال يحقق طموحات التربويين حول العالم، ومنها معايير ISTE لتقنيات التعليم (للمعلم - والمتعلم - ومديري المدارس)، والتي قام مكتب التربية العربي لدول الخليج بترجمتها لأهميتها، وإسهاما من المكتب في خدمة المجتمع التعليمي العربي، لتكون مثل هذه المعايير منطلقا للمدارس الطامحة لتعليم أفضل وأكثر فاعلية.  

هناك العديد من التطبيقات التقنية التي تسهم في بناء مواد تعليمية تحقق فاعلية التعليم والتعلم من خلال احتوائها على أهم عوامل التعليم الفعال، مثل العناصر البصرية والتركيز على المتعلم في العملية التعليمية التعلمية، ومن هذه المواد التعليمية ما يعرف بالوسائط التقنية المتعددة التي تستخدم الصور والرسوم والفيديو، ومنها ما يمّكن المستخدم من التفاعل معها.
من أهم الوسائط التقنية المستخدمة في التعليم الانفوجرافيك الثابت والمتحرك، والفيديو، والكتاب التفاعلي. وتقدم هذه الوسائط العديد من المزايا للعملية التعليمية، ويمكن استخدامها كأداة تعليم وأداة تعلم بما في ذلك استخدام المتعلمين لها في تقديم مشروعاتهم بطريقة إبداعية مبتكرة، ويعتبر استخدامها معززا لفاعلية التعليم لما تحتويه من العناصر البصرية الجذابة، ولما تتيحه من امكانية التفاعل مع المتعلم، وهي من أهم عوامل الفاعلية في التعليم كما سبق.

تشير أحد البحوث العلمية أن معظم الطلاب في عينة الدراسة يتفقون على أن الانفوجرافيك يعزز جاذبية التعليم، وفهمهم واحتفاظهم بالمعلومات. كما أشارت نفس الدراسة إلى اتجاهات إيجابية للطلاب لاستخدام الانفوجرافيك كأداة للتعلم.( Vanichvasin، 2013، ص135) القليل من البحث بين صفحات اخر البحوث العلمية والدراسات التي تهتم في استخدام الوسائط الأربعة المذكورة وفاعليتها في التعليم، من شأنه أن يقود إلى مزيد من الأدلة على أهمية استخدام مثل هذه الوسائط ودورها في التعليم الفعال، ولكن هناك رؤى تختلف تجاه أفضل الأساليب والاستراتيجيات لتطبيقها في التعليم بفاعلية أكثر، ومن زاوتي الشخصية ومن خبرتي المتواضعة فإنه يسعني أن أبرز الجوانب لرؤيتي لتطبيق هذه الوسائط في التعليم منطلقا من دور الوسائط المذكورة في خدمة أهم عناصر التعليم وهم المعلم والمتعلم والمسؤول، وفي المقابل دور هذه العناصر والمكونات الأساسية للعملية التعليمية في استثمار هذه الوسائط لبناء تعليم فعّال يحقق الأهداف المرجوة.

يمكننا أن نتحدث عن المتعلم أنه العنصر الأهم في عملية التعلم، وأن المعلم هو العنصر الأهم وحجر الأساس في عملية التعليم، والمسؤول هو الركن الأساس في التخطيط والتشريع والقيادة وتوفير الامكانيات والبيئة الملائمة للعنصرين الأولين للإبداع.

المتعلمون بما بينهم من فروق في القدرات واختلاف في الظروف سيجدون في توفر الوسائط التقنية في أي وقت وفي أي مكان حلا لتجاوز الصعوبات التي تواجههم في التعليم، لا سيما أنهم يستطيعون التحكم بسرعة خطوات تعلمهم. إذا انطلقنا من معايير ISTE الخاصة بالطالب فإننا نطمح إلى طلاب يوظفون التقنية في التفكير والابداع، وهذا ما يجعل إشراك الطلاب في مشروعات يقومون فيها بتأليف وانتاج الطلاب للانفوجرافيك والفيديو خيارا يحقق استخدامهم للتقنية، ويصل بهم إلى مستويات عليا في التفكير وينمي لديهم التفكير الناقد، ويمكن تكليف الطلاب بإنتاج الفيديو باستخدام البرامج السهلة على الهواتف الذكية، أو تكليفهم لتحريف فيديو رسوم متحركة يكون أكثر جاذبية لهم باستخدام موقع مساعد، مثل: PowToon و GoAnimate. ومن الأهداف التي نطمح لها انطلاقا من نفس المعايير الاتصال والتشارك والتفاعل والنشر مع الأقران، وهذا ما يتيحه العمل الجماعي في انتاج الوسائط المذكورة، وامكانية التفاعل مع الكتاب التفاعلي بشكل مباشر، بحيث يقوم الطلاب بالتعليق على العناصر المتفاعلة ويمكن للجميع الاطلاع على التعليقات، ويمكن تطبيق ذلك بواسطة استخدام موقع مثل: https://activetextbook.com/ ، ويمكن تحويل الكتب إلى تفاعلية باستخدام موقع كتبي، وهذا ينقلنا للحديث عن العنصر الأهم في العملية التعليمية "المعلم".

المعلم بدوره يحرص على بناء دروسه بشكل جذاب مراعيا التوجهات الحديثة في التعليم بالتركيز على المتعلم وفاعليته في العملية التعليمية، ولا شك أن تصميم الدروس باستخدام مواد تعليمية تحتوي على الانفوجرافيك، والفيديو، وتحويل الكتب إلى تفاعلية سيجعل دروسه أكثر جاذبية ويعزز فاعليتها. كما يمكن للمعلم استخدام الانفوجرافيك المتحرك في عرض المهام والأنشطة الطلابية واستخدام الانفوجرافيك الثابت في عرض النتائج بشكل جذاب لأولياء الأمور، فضلا عن استخدامه الفيديو في التعليم المقلوب. ولا يفوتني أن أذكر دعم استخدام مثل هذه الوسائط للتنوع في التدريس، مما يعزز الجاذبية ويزيد الفاعلية، كذلك ما تقدمه للمعلم من تسهيل لعمله للوصول إلى أفضل نتيجة ولا يقصد ان يكون المجهود أقل خاصة في البدايات، ولكن تقدم له مميزات لا تتوفر له من دونها بنفس الجودة، خاصة اذا أدخلنا الموارد التعليمية المفتوحة في الحسبان نجد ان تصميم الدروس الجذابة أصبح أسهل على المعلم، ولعل ذلك يكون في مقالة خاصة لاحقا.

دور المسؤول الذي يعدّ الركن الأساس في التخطيط والتشريع والقيادة، ينبغي أن يكون فاعلاً في:

1-  التحفيز والتخطيط لإعداد المعلم من خلال التدريب المنظم والمستمر على انتاج الوسائط المختلفة وطرق تفعيلها في الفصول الدراسية.
2- نشر ثقافة التدرج في تطبيق التقنية لتفادي ردة الفعل السلبية من قبل الطالب أو المعلم.
3-  يجب على المسؤول نشر تجارب ناجحة لاستخدام الوسائط في التعليم لأن إيمان المعلم بأهمية استخدام التقنية في التعليم له دور كبير في حماس المعلم في تطبيق التقنية كما تشير دراسة(Dr.Pogprapan PongsophonK، 2013).
4- أن يوفر بيئة حاضنة لإنتاج الطالب والمعلم واتاحة فرصة مشاركتها، وذلك ما يعرف بمواقع الموارد التعليمية المفتوحة التي تنظم الموارد التعليمية حسب احتياج المستخدمين لها ليسهل عملية ايجاد الموارد والاستفادة منها، لما في ذلك من تسهيل لعمل المعلم وتطوير لبيئة التعلم بما يخدم الأهداف التعليمية المنشودة. وذلك ما يمكن ملاحظته من تجربة ولاية تكساس التي توضح لنا دور المسؤول في تفعيل الوسائط التقنية  (Hobbs,  AMERICAN BEHAVIORAL SCIENTIST، ص47)،
5- كما يجب على قائد المدرسة أن يكون ذا رؤية واضحة، ويعرف واقع التعليم والمكان الذي يسعى إليه.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




المراجع
1- RENEE HOBBS, Temple University ,A Review of School-Based Initiatives in Media Literacy Education،
2- Patchara Vanichvasin, Enhancing the Quality of Learning Through the Use of Infographics as Visual Communication Tool and Learning Tool
3- Dr.Pogprapan Pongsophon, A Model of the Adoption and Integration of ICT into Science Teaching: an SEM approach
4- Douglas R. Vogel and others, Persuasion and the Role of Visual Presentation Support: The UM/3M Study
5- Prezi websit, The Science of Effective Presentations (book)
6- جاسم، عزيز حسن(2010)، ﻣﺴﺘﻯ ﺇﺗﻘﺎﻥ ﻣﻌﻠﻤﻲ ﺍﳌﺣﻠﺔ ﺍﻻﺑﺘﺍﺋﻴﺔ ﳌﻬﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴ ﺍﻟﻔﻌﺎﻝ ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﳉﻨ ﻭﺍﳋﱪﺓ
7- معايير ISTE ترجمة مكتب التربية العربي لدول الخليج
9- موقع كاثي سكروك في موقعها على الرابط http://www.schrockguide.net/bloomin-apps.html 13/1/2017م



[1] ارجع لتصنيفات كاثي سكروك في موقعها على الرابط http://www.schrockguide.net/bloomin-apps.html 13/1/2017م
[2]  تعرف على النموذج على الرابط http://www.schrockguide.net/samr.html    13/1/2017
[3] AMERICAN BEHAVIORAL SCIENTIST, Vol. 48 No. 1, September 2004 42-59

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للتعليق :
اختر من الخيارات هذا الخيار:
Name/URL ( الاسم والعنوان )
سيظهر لك مربعان تحت بعضهما.
- المربع الأول بعنوان:
Name
اكتب فيه الإسم

- المربع الثاني بعنوان:
URL
اتركه فارغ